رُوِيَ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ الْعَسْكَرِيِّ ( عليه السلام ) أَنَّهُ قَالَ : " عَلَامَاتُ الْمُؤْمِنِ خَمْسٌ : صَلَاةُ إحدى و خَمْسِينَ ، وَ زِيَارَةُ الْأَرْبَعِينَ ، وَ التَّخَتُّمُ فِي الْيَمِينِ ، وَ تَعْفِيرُ الْجَبِينِ ، وَ الْجَهْرُ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ " (1)
في كل عام ، تتحول أرض كربلاء إلى مسرحاً يضم أسمى معاني الإنسانية للملايين من العشاق ، يزحفون من كل حدب و نسل ، ليجددوا البيعة مع المولى الحسين (ع).
ترى من هو ماشياً على قدميه إتجاه قبر الحسين (ع) ، بإختلاف الأعمار و الأعراق ، الثقافات و الأحزاب و حتى المذاهب و الأديان ، الكل يزحف إتجاه الحسين (ع) ، فالحسين هو رحمة الله الواسعة ، التي صبّها الله عزوجل على خليقته صبا.
العقل و العاطفة ، هما المحركان الأساسيان لهذه الحركة الجماهيرية المليونية التي تشهدها كربلاء في كل عام ..
فالملايين يقصدون الحسين ، ليجددوا البيعة معه على رفض الظلم و الطغيان و إعلاء كلمة الحق مع التمسك بالإباء و الكرامة التي انتشلها ابي عبدالله من دوامة الضياع ..
و الملايين يقصدونه على الأقدام مواساة لآل الحسين التائهين في الفلوات بعد مصرعه (ع) ..
و هناك ملايين أخرى ، قصدته حباً فيه و إيماناً بأنه و أهل بيته (ع) مقصداً لمرادهم و باباً لحوائجهم ..
كلٌ يقصد الحسين حسب ثقافته و نيّته ، و الحسين هو الجواد الكريم ، لا يطرد من قصده ، حاشاه ..!!
ذكرى الأربعين بما تحتويه من ذكريات و مآسي على آل بيت النبوة (ص) ، تتضمن علامة من علامات المؤمنين ،
فزيارة المؤمنين للحسين (ع) هي فرصة لتجديد بيعة الولاء معه و إطلاق صرخات الحرية و الإباء أمام العالم أجمع ..
إستوقفتني لقطة شاهدتها على أحد القنوات الفضائية قبل كم يوم ، يصور المشهد فيها أحد المصابين (و هو من فئة الصم ) بالإنفجار الأخير الذي قام به التكفيريون، يصور المشهد أحد هؤلاء المصابين و قد قتل أحد أصدقائه ، و قد سأله المذيع بالإشارة عن اذا كان سيعود إلى وطنه بسبب هذا الإنفجار ؟ ما ادهشني كان إجابة هذا الموالي الأصم بالإشارة بالنفي و انهم سيكملون رحلتهم إلى مثوى الحسين و كيف ان الإرهاب و مهما كان من دموياً لم و لن يثني عشاق الحسين (ع) من الوصول إلى ضريح سيد الشهداء.
هؤلاء هم محبين الحسين ، أسكرتهم نشوة العشق عن رؤية الدماء و الأخطار التي تحيط بهم ، و مهما إستكبر الإرهاب بما يقوم به من قتل و تفجير ، فهذا لن يثني العشاق من الوصل إلى قبة الكرامة و الإباء ..
فهذا الإمام الهادي (ع) يأمر أصحابه بعدم التوقف عن زيارة الحسين (ع) حتى و ان تطلب الأمر ان يقتل من كل عشرة زوار تسعاً و يعذبون و تقطّع أياديهم ..
إن قضية الحسين يجب أن تبقى مشتعلة في قلوب المؤمنين ، مهما كانت الظروف ..
كما صرّح بذلك جده المصطفى (ص) بقوله " ان لقتل الحسين حرارة فى قلوب المؤمنين لا تبرد ابدا." (2)
مقطع فيديو ، يحتوي على كلمة قصيرة لسماحة السيد هادي المدرسي (حفظه الله) ، بعد أحداث التفجيرات التي قام بها التكفيريون في العام 1425 ..
"عاشوراء ، تعيد سنوياً للقلوب المقهورة
التي سلبت -في هذا العصر-
حق الإختيار ، بل حتى حق الإحساس،
و للعيون التي سلبت حق الرؤية بل حتى حق البكاء،
و للحناجر التي سلبت حق الصراخ بل حتى حق الأنين ،
تعيد لها حقها السليب ." (3)
(1) تهذيب الأحكام : 6 / 52 ، للشيخ أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي
(2) جامع احاديث الشيعة، ج 12، ص556
(3) الحسين وارث آدم :الدكتور علي شريعتي
* عنوان المقال من قصيدة للشاعر مهدي جناح الكاظمي
و الله الموفق
.،.
أحمد