السبت، 23 يناير 2010

و بالحسن -ع- .. لنا عزة

بسم الله الرحمن الرحيم


طاعة الله عزوجل هي غاية الأعمال التي يتقرب منها العبد إلى ربه ، فالعبادة مهما بلغت من جهد و تعب شديدين ، إن لم تكن في طاعة الله ، فلا حساب لها و لا ثواب . فكما ورد في الحديث القدسي عن الله عزوجل ( يا موسى لو دعاني حتى تسقط يداه أو تنقطع يداه أو ينقطع لسانه لم أستجب له حتى يأتيني من الباب الذي أمرته).

هنا كان البلاء الذي ابتليت فيه أمة الإسلام من بعد التحاق رسول الله إلى الرفيق الأعلى ، بدءً مع خوارج النهروان ، الذين كانوا من حفظة القرآن و أصحاب الجباه السوداء من كثرة السجود ، و لكن خاتمتهم كانت في اتهامهم لأمير المؤمنين (ع) بالكفر ، مروراً بأصحاب الإمام الحسن (ع) الذين اتهموه بالجبن و الذل. حتى إن احدهم كان يدخل عليه (ع) و يخاطبه بـ(السلام عليك يا مذل المؤمنين)

هؤلاء كانوا يتبعون إماماً.. تابعاً لأهوائهم
هؤلاء لم يعوا قول رسول الله (ص) فيه و في أخيه (الحسن و الحسين إمامان قاما أو قعدا)

و لكن هيهات ، فهو (ع) بصلحه العظيم مع معاوية ، كان قد شيّد عزاً لا يضام لمواليه و أتباعه و حقناً لدماء محبيه و شيعته ، فهو القائل لأبي سعيد في علة صلحه :
(يا أبا سعيد ، إذا كنت إماماً من قبل الله تعالى ذكره لم يجب ان يسفّه رأيي فيما أتيت من مهادنه أو محاربة ، و إن كان وجه الحكمة فيما أتيته ملتبساً ، أل ترى الحضر (ع) لما خرق السفينة ، و قتل الغلام ، و أقام الجدار سخط موسى فعله لإشتباه وجه الحكمة عليه، حتى أخبره ، فرضي ، هكذا أنا ، سخطتم عليّ بجهلكم بوجه الحكمة فيه ، و لولا ما أتيت لما ترك من شيعتنا على وجه الأرض أحد إلا قُتِل)
(1)

هو الحسن (ع) ..
كما وصفه رب العزة ( فجعلت حسناً معدن علمي) (2)

و كما وصفه جده رسول الله و إمام الرحمة (أما الحسن ، فإن له هديي -و في نسخة أخرى هيبتي-و سؤددي ) (3)

و لكن ، فما عسانا أن نقول في أمة ، لم تحفظ لرسول الله حقاً في ولده و عترته ، فبدءً مع إغتياله بالسم ، و مروراً بمنعه من أن يدفن بجانب جده الذي كان يقول عنه (اللهم إني أحبه ، فأحبّه و أحب من يحبه) (4) بقول أحداهن (لا تدخلوا بيتي من لا أحب) و إنتهاءً برمي جنازته بالسهام .. (و شهيد فوق الجنازة .. قد شكّت أكفانه بالسهام) ..
حتى واراه الحسين (ع) في البقيع الغرقد قائلاً ..


أأدهـــن رأســي أم تطيب مجالسي ** ورأسـك معفـور وأنت سليب
أو استـــمتع الدنــــيا لــشيء أحبّه ** ألا كـل مـا أدنى إليـك حبيب
فـــلا زلــــت ابـكي ما تغنَّت حمامة ** ومـــا هبــت صبــــا وجنــــــوب
ومـــا هملت عيني من الدمع قطرة ** وما اخضر في دوح الحجاز قضيب
بكـــائي طــــويل والــدموع غزيرة ** وأنـت بعيـد والمـزار قـريب
غـــريب وأطـــراف البيوت تحوطه ** ألا كل مـن تحت التــــراب غـــريبُ
ولا يفرح الباقي خلاف الذي مضى ** و كل فـتى للـموت فيـه نـصيب
وليس حريبـا من اصـيب بـماله ** ولكـــن مــن وارى أخاه حريبُ (5)

عظم الله أجوركم بهذا المصاب الجلل
و الله الموفق
.،.
(1) علل الشرائع ج 1 ص 210
(2) من حديث اللوح أو عهد الله تعالى لنبيه محمد (ص) في الكافي 1\527
(3) الإرشاد ج2 ص7
(4) مسند أحمد بن حنبل ج2 ص249 و 331 و 532
(5) مناقب آل أبي طالب 4\45