الجمعة، 25 فبراير 2011

رسالة الحرية

بسم الله الرحمن الرحيم

قبل اكثر من ألف عام ..بزغ نور الهي من مكة المكرمة على العالم أجمع ، فإرتجت جدران كسرى و انقصم طاقه ، ولم يبقَ سريرٌ لملك من ملوك الدنيا إلا أصبح منكوسا . ذاك النور كان نور ميلاد سيد البشرية محمد (ص) ، ذاك الرسول الذي بعثه الله رحمة للعالمين .

قال تعالى : (و يضع عنهم إصرهم و الأغلال التي كانت عليهم)

هنا تجلّت عظمة نبي الرحمة (ص) ، فبعثته جاءت لتعيد لبني البشر إنسانيتهم ، و تذكرهم بالقيم التي يحملونها ، و تعيد للمستضعفين أمل البقاء و الحياة الطيبة ، و تضع حداً للإستكبار و الإستضعاف و الطغيان الذي كان شعار المجتمع المكي آنذاك. حتى إستطاع أن يصنع مجتمعاً حراً من المستضعفين الهاربين من رماد الإضطهاد و الإستكبار و يقوموا ببناء أكبر إمبراطورية على وجه الأرض آنذاك ، و يحطموا أكبر الإمبراطوريات كفارس و الروم.

أما اليوم ، و في عيد مولده (ص) المبارك ، كانت الشعوب المستضعفة مع موعد للعودة إلى الذات ، و العودة إلى انسانيتهم ، و لتذكرهم بقدراتهم التي حاول الطواغيت بشتى الطرق أن يحطمّوها تحت وطأة الإضطهاد و الجبروت ، فكما وصف الله عزوجل فرعون (فإستخف قومه فأطاعوه) ، إنتفضت الشعوب الإسلامية العربية في وجه طواغيتها .

قال تعالى : (و نريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض و نجعلهم أئمة و نجعلهم الوارثين)

الشعوب الإسلامية بدأت بتحطيم الأغلال التي جثمت على صدورها لعشرات السنين ، و بدأ الطواغيت بسماع صرخات المستضعفين و هم يذكروهم بأنهم لا يزالوا أحراراً مجاهدين.

"ستبقى على الأرض أقدامنا
يخضّر بالدم كل صعيد
"

جسر الحرية لا يمكن العبور عليه إلا من فوق نهر الدم الأحمر ، فالحرية لا تؤخذ على أطباق من فضة أو ذهب ، بل بالتضحية و الجهاد و الشهادة ، هذا الذي أثبته شهداء تونس و مصر ، و تثبته اليوم دماء شهداء ليبيا و البحرين و اليمن . الشهيد في قبره هو الذي يزلزل عروش الجبابرة ، و ينقض مضاجعهم ، الحرية تؤخذ لا تًعطى ..

هنا تتجلى عظمة الشهيد ، فدمائه هي التي تهز ضمائر المستضعفين ، و تذكرهم بأنهم لا يزالوا يمتلكون أبسط حقوق الحياة ، و تذكرهم بإنسانيتهم التي سلبها فراعنة هذا الزمان .

قال تعالى (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا )

هناك ، و في ساحة المحشر ، سيكون رسول الله (ص) شاهداً على أمته ، شاهداً على من نهض في وجه الطغيان ، و قال كلمة الحق في طلب الحرية و العدالة ، شاهداً للدماء التي سالت من الشعوب لكي تهز عروش الطغاة ..

"السلام عليك يا رسول الله
السلام على المدفون في المدينة
السلام على المنصور المؤيد
السلام على أبي القاسم محمد (ص) "

و الله الموفق