الاثنين، 18 مايو 2009

نَم قرير العين .. يا ملتقى الأحرار ..!

بسم الله الرحمن الرحيم

ما زلت أذكر اللحظات التي قضيناها تحت منبر الفقيد السعيد في أيام الجمعة ، كلمات من الوجدان إلى الوجدان ، تقتحم الفكر بهدوء ، و بصوته الخافت ، حقاً .. كنت أشعر بسكينة غريبة عندما كنت أقف بجانبه و أتشرف بالسلام عليه و تقبيل جبينه أو يده المباركة .. لا أعلم .. إحساس الانتماء ، الطمأنينة ، و الأمان ينتابني عند شخصية مثل الرضا الراحل (قدس سره).

أما الآن ، فقد توسد التراب بجانب ضريح سيد الكونين (ع) ، و لم يبقى لنا إلاّ ذكر محاسنه و آثاره الكريمة ، فكما أمرنا رسولنا الكريم بذكر محاسن الموتى بقوله (إذكروا محاسن موتاكم) .. حتى تكون عِبرة لنا قبل تكون عَبرة ، و أن نأخذ من سيرة حياته عِضَة لا غُصة ..

من أعظم الأمور التي رأيتها بسيرة الفقيد الراحل كانت أهمية الرسالة و القضية في حياته ، و كيف كان دفاعه دوماً عن القضية الإسلامية لا دفاعاً عن نفسه ، و لا حتى هجوماً على الغير ، فكان يصب إهتمامه في سبيل نشر القضية الإسلامية و الدفاع عنها ، و قد نقل لي أحد الإخوة الأعزاء كيف كان رده الوحيد عن بعض الأسئلة التي تستفسر عن الهجوم على الشعائر الحسينية و بعض العقائد الإسلامية بكلمة واحدة .. "إلّأ علواً" .. فإعلاء كلمة الحق ،، و علو الهدف الرسالي كان هاجزه اليومي.. فقد كان يدعوا دوماً إلى تزكية النفس ، و تطهيرها من البغضاء و الأحقاد الدفينة في سبيل الوصول إلى الغاية المشهودة.. حتى أحبه العدو قبل الصديق !

ومن جوانب حياته الأخرى كان خلقه الرفيع ، و آدابه العالية التي كان يشرك بها الصغير و الكبير ، و البعيد و القريب ،، فلم أره يوماً إلا و الإبتسامة تزين محيّاه .. حتى إني أذكر في احد الأيام .. عندما كنت ما أزال في سنوات عمري الأولى .. اصطحبني والدي العزيز إلى مسجد بنيد القار لصلاة الجمعة ،، و بعد الصلاة ،، توجهت مع والدي للسلام على السيد .. هناك طلبت من والدي ان يعرفني على السيد .. فتوجهت نحوه و قبلت يداه الكريمتان و عرفته بنفسي .. أذكره كيف كان ينحني عند السلام على صغار السن و كيف علت الإبتسامة وجهه و سألني عن أحوالي و دعاؤه لي بالصلاح. و لا زلت أذكر وصاياه لنا و نحن أطفال صغار ببذل الجهد في سبيل إعلاء كلمة الإسلام ..

أما آخر جانب أذكره من سيرة هذا العظيم بحق هو التسليم التام لله عز و جل ، فعندما كان يٍسأله بعض الإخوة في السابق عن أحوال أخيه السيد مرتضى عندما كان تحت التعذيب .. لم يكف لسانه من حمد الله و التوكل عليه ، و أذكره في تشيع والده المقدس (قدس سره) .. لم أره إلا جبلاً صامداً في وجه المصائب و المحن ..

عندما ترتقي النفس البشرية إلى أعلى المراتب و تصل إلى أعلى مستويات التسليم لله عز و جل ،، تكون قد تحررت من قيود الدنيا و تلتحق بركب الأحرار .. فيكون هدفها الرسالي إعلاء كلمة الحق و همها الدفاع عن القضايا التي تؤمن بها ،، حتى و إن إقتضى ذلك أن تعيش حياة البؤس و الإضطهاد .. أما إن ضعفت أمام مغريات الدنيا و أهوائها .. تكون قد قيدت نفسها بقيود الظلم و الجهل و الضياع ...

سيدي .. رحلت عنّا بجسدك .. و لكن وصاياك و توجيهاتك خالدة بيننا .. و روحك السمحة و إبتسامتك الهادئة ستبقى خالدة في ذاكرتنا ..

و لكنني لن أنسى تلك الكلمات في يوم الرحيل ..

"سيد رضا مات .. مات يا أحمد !!"

.،.

بمناسبة مرور عام كامل على رحيل
آية الله السيد محمد رضا الشيرازي (قدس سره)

الفاتحة على روحه الطاهرة و أرواح العلماء و المؤمنين
و بالأخص آية الله العظمى المرجع الراحل الشيخ محمد تقي بهجت (قدس سره)

هناك 6 تعليقات:

مذكرات إنسان يقول...

بسم الله

حقيقةً لا أعلم ماذا أقول بشخصية عظيمة كـ [ سيد محمد رضا الشيرازي ] رحمه الله ..

دعني أقولها ، بالرغم من إني كنت أقلد مرجعية أخرى ، إلا إنني استلهم من محاضرات السيد قبل وفاته والآن وبعد مرور عام على وفاته دروساً وصوراً وإسلاماً حقيقياً قَلَ نظيره !

بالنسبة لي ، محاضرات السيد رحمه الله عليه جامعة كلامية ، يجب علينا أن نستلهم منها الإسلام الخالص !

××
رحمة الله على السيد ..
والسيد لا زال حياً بمحاضراته البراقة ووصاياه الخالده ..

××
شكراً

علي إبراهيم غلوم حسين علي أحمد يقول...

مبدع دائما بكتاباتك ..

السيد رضا وما أدراك ما السيد الرضا

لا يسعني إلا القول

وعادت همومك سدي !

حسين يقول...

رحمة الله على السيد محمد رضا الشيرازي ..

كلماتك رائعه كما اعتدنا عليها في الاحزان ..


تشكر ..

Hussain.Makki يقول...

الوداع سيدي، إلى الآن أنا أقولها ..
وأرددها بجنون،

الوداع سيدي ..

وردة فرح يقول...

كنت أسمع عنه قبل بس عرفته أكثر بعد موته ،،
الله يرحمه ان شاء الله ،،

فآطِمهْ يقول...

إنّآ لله و إنّآ إليه رآجعون ~
جمرآت الحزن بدت تحرقنآ
فـ مآ أعظم و أقسى فرآق الأحبه
خصوصاً من يترك لنآ بصمه شريفه كـ شخصه
:
رجمه الله بـ رحمته الوآسعه ،، و هنيئاً له بـ شفآعة آل البيت
:
أحسنت بمآ قدمت ~