الاثنين، 28 ديسمبر 2009

و مَهر الحياة .. خِضاب الدماء

بسم الله الرحمن الرحيم


لا تقل كم عاش ، و لكن كيف عاش (1) من وهب للضمير الإنساني حق الحرية و لجسد الأمة الإسلامية روح البقاء ، و لرسالات السماء سمة الخلود و الأبدية . هو الحسين (ع) الذي وهب الحياة من جديد للإنسان الغارق في بحار الجاهلية و الضلالة.
فها هو الإمام الصادق (ع) عندما يزور جده الحسين (ع) يخاطبه و يقول
(وبذل مهجته فيك ليستنقذ عبادك من الجهالة وحيرة الضلالة) .

قال تعالى (يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله و للرسول إذا دعاكم لما يحييكم)
الأنفال 24
إحياء الذات الإنسانية كان من أهم الأهداف الذي سعى اليها رسول الله (ص) في رسالته المقدسة و من بعده كان دور الإمام الحسين (ع) في إعادة هذه الروح و بث الحياة من جديد في الأجساد الخالية من الروحية الرسالية . فهو القائل (إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي).

أما عملية الإحياء تلك ، فقد تجسدت في أروع ملحمة عرفها التاريخ ، ملحمة احتوت دماء الأطفال قبل الشيوخ ، و دماء العبيد قبل الأحرار. هذه الحياة كانت تتجسد في قول أحدهم (والله لوددت أني قتلت ثم نشرت ثم قتلت حتى أقتل هكذا ألف مرة، ويدفع الله بذلك الفتل عن نفسك وعن أنفس هؤلاء الفتيان من أهل بيتك) (2) أما الطرف الآخر من هذه المواجهة فقد إختار قتال ريحانة رسول الله (ص) بأرخص الأثمان حتى ان الرجال كانت تخرج لمقاتلة الحسين لقاء حفنة من الشعير او حتى عشرة حبات من التمر. ففي معسكر الحسين تجلت الروح الإلهية التي نفخها الله في الإنسان عند أصحاب الحسين (3)، أما في معسكر بن سعد ، فلم يكونوا غير أوعية لطين لازب و حمإ مسنون (4) .

هنا تجلت حياة الأحرار حتى سقت أرض كربلاء بالدماء المقدسة لأبي عبدالله الحسين (ع) و أصبح الشهيد المصداق الأعظم لقوله تعالى ( و لا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون) آل عمران 169 .

نعم ، فالحياة عند الشهيد لا تعني السنوات التي يقضيها ماشياً على أرض الوسيعة ، او تلك الأيام التي يقضيها بين الناس ، بل هي تلك اللحظات التي يقضيها بين ظلال السيوف و هي تلك اللحظات التي يقف فيها في ساحة الحرب و جروحه تشحب دماً طالباً رضا الله عزوجل و هو يناجي ربه .. (اللهي إن كان هذا يرضيك .. فخذ حتى ترضى) و (رضاً برضاك لا معبود سواك)


كما قال عميد المنبر الحسيني الشيخ الوائلي :
(أرجفوا أنك القتيل المدمى ** أومن ينشئ الحياة قتيل)

و الله الموفق
الصورة لمراسم عاشوراء في أسطنبول (تركيا)
.،.

(1) من أقوال الخطيب الحسيني الشيخ جعفر الإبراهيمي (حفظه الله)
(2) من خطاب زهير بن القين للحسين (ع) في ليلة العاشر
(3) إستناداً لقوله تعالى : (فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ) الحجر 29
(4) استناداً لقوله تعالى ( فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَم مَّنْ خَلَقْنَا إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّن طِينٍ لَّازِبٍ ) الصافات 11 و (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ ) الحجر 26

هناك 5 تعليقات:

اقصوصه يقول...

عظم الله اجوركم

بعثرات قلم يقول...

جميل ماسطرته
فآل بيت الرسالة وأبطال الطف رفعوا بشموخ رايات الحرية الحقيقية وتقلدوا بوسام الإنسانية التي تجاهد للوصول إلى الكمال ولقاء رب العباد بكل شوق
عظم الله لك الأجر
ودمت بخير

هيفاء بهبهاني يقول...

عظم الله أجورنا وأجوركم بمصاب الإمام الحسين سلام الله عليه

و أحسنت على هذه المقالة الرائعة

Hussain.Makki يقول...

ملحمة عاشوراء لم يُعرف لها مثيل في التاريخ أجمع، قدّم كل شيء ..

الحُسين ثورة،

فآطِمهْ يقول...

السّلآم عليك سيدي و مولآي أبآ عبدالله و على نحرك المقطوع و رأسك المرفوع و دمك المهدور و ضلعك المكسور ~
:
حسينٌ بآيعنآك و لآ نرضى بـ العآر
أحسنت ~