العباس .. أُمة في
كربلاء
لم يكن إعطاء الرخصة للقتال سهلاً هذه المرة ، فلم يبقَ في معسكر آل علي إلا هو و أخوه القمر . أما بقية رجال هذه الملحمة الخالدة فكانوا
صرعى على الأرض بين قتيل و صريع .
الزمان كان 61 للهجرة النبوية و المكان بين خيام بني
هاشم في أرض يُقال لها كربلاء ، كان هذا الحوار :
"أخي أنت العلامة من عسكري فإذا غدوت يؤول جمعنا
إلى الشتات" [1] ، قالها الحسين (ع) و
هو ينظر إلى أخيه العباس ، ربيب علي بن أبي طالب و فارس بني هاشم.
المعصوم لا يتكلم مجازاً ولا ينطق بفضول الكلام ، ،
أي عسكر كان يقصد الحسين ؟ لم يكن في الخيام غيره هو و العباس من المقاتلين ؟
لقد رأي الحسين في أخيه العباس جيشاً بمفرده ، قد كان
جيش التوحيد في مقابل جيوش الكفر و الطغيان تحت لواء عمر بن سعد.
العباس هو تلميذ علي (ع) الذي كان يرتجز و يقول بكل
كبرياء و عزة "لا تزيدني كثرة الناس حولي عزة ، و لا تفرقهم عني وحشة" [3]
، و هو القائل "لا تستوحشوا طريق الحق لقلّة سالكيه" [4]
فكان مصداق لعزة المؤمنين المستمدة من ارتباطهم بالله تعالى . لذلك كان العباس كما
وصفه الإمام جعفر الصادق "نافذ البصيرة ، صلب الإيمان"[5]
.
يصف العلامة البوصيري رسول الله (ص) في قصيدته الخالدة ،
"كأنه و هو فرد من جلالته ، في عسكر حين تلقاه و في حشم" .. فلا ضير أن
يكون العباس تلميذاً لامعاً في مدرسة محمد بن عبدالله (ص) حتى اكتسب تلك الصفات
الجليلة ، فهو الذي تربى بين يدي أبيه علي و أخويه الحسن و الحسين .
هذا هو العباس بن علي ، فارس بني هاشم ، حتى أضحى يوم
العاشر من المحرم كجده الأكبر ، فارس التوحيد الأول و محطم أصنام الجهل ، إبراهيم
الخليل (ع) الذي وصفه الله تعالى في كتابه "إن إبراهيم كان أمة قانتاً لله
حنيفا"[6] . العباس كان أمةً لوحده في صحراء كربلاء ،
مُحطماً لأصنام الطاغوت مجاهداً نفسه في سبيل رضا الله عزوجل [7].
السلام
عليك يوم ولدت ..
و يوم استشهدت ..
و يوم تُبعث حياً فيغبطك جميع الشهداء يوم القيامة [8] ..
و يوم استشهدت ..
و يوم تُبعث حياً فيغبطك جميع الشهداء يوم القيامة [8] ..
أحمد خليل لاري
7 محرم 1435
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق