الاثنين، 11 نوفمبر 2013

العباس .. أمة في كربلاء

العباس .. أُمة في كربلاء

لم يكن إعطاء الرخصة للقتال سهلاً هذه المرة ، فلم يبقَ في معسكر آل علي إلا هو و أخوه القمر . أما بقية رجال هذه الملحمة الخالدة فكانوا صرعى على الأرض بين قتيل و صريع .

الزمان كان 61 للهجرة النبوية و المكان بين خيام بني هاشم في أرض يُقال لها كربلاء ، كان هذا الحوار :
"أخي أنت العلامة من عسكري فإذا غدوت يؤول جمعنا إلى الشتات" [1] ، قالها الحسين (ع) و هو ينظر إلى أخيه العباس ، ربيب علي بن أبي طالب و فارس بني هاشم.

المعصوم لا يتكلم مجازاً ولا ينطق بفضول الكلام ،  ، أي عسكر كان يقصد الحسين ؟ لم يكن في الخيام غيره هو و العباس من المقاتلين ؟

لقد رأي الحسين في أخيه العباس جيشاً بمفرده ، قد كان جيش التوحيد في مقابل جيوش الكفر و الطغيان تحت لواء عمر بن سعد.

العباس هو تلميذ علي (ع) الذي كان يرتجز و يقول بكل كبرياء و عزة "لا تزيدني كثرة الناس حولي عزة ، و لا تفرقهم عني وحشة" [3] ، و هو القائل "لا تستوحشوا طريق الحق لقلّة سالكيه" [4] فكان مصداق لعزة المؤمنين المستمدة من ارتباطهم بالله تعالى . لذلك كان العباس كما وصفه الإمام جعفر الصادق "نافذ البصيرة ، صلب الإيمان"[5] .

يصف العلامة البوصيري رسول الله (ص) في قصيدته الخالدة ، "كأنه و هو فرد من جلالته ، في عسكر حين تلقاه و في حشم" .. فلا ضير أن يكون العباس تلميذاً لامعاً في مدرسة محمد بن عبدالله (ص) حتى اكتسب تلك الصفات الجليلة ، فهو الذي تربى بين يدي أبيه علي و أخويه الحسن و الحسين .

هذا هو العباس بن علي ، فارس بني هاشم ، حتى أضحى يوم العاشر من المحرم كجده الأكبر ، فارس التوحيد الأول و محطم أصنام الجهل ، إبراهيم الخليل (ع) الذي وصفه الله تعالى في كتابه "إن إبراهيم كان أمة قانتاً لله حنيفا"[6] . العباس كان أمةً لوحده في صحراء كربلاء ، مُحطماً لأصنام الطاغوت مجاهداً نفسه في سبيل رضا الله عزوجل [7].

السلام عليك يوم ولدت ..
و يوم استشهدت ..
و يوم تُبعث حياً فيغبطك جميع الشهداء يوم القيامة [8] ..

أحمد خليل لاري
7 محرم 1435



[1] القزويني ، محمد كاظم  (فاجعة الطف)
[2] سورة النجم 3
[3] الشريف الرضي (نهج البلاغة)
[4] المصدر السابق : الخطبة 21
[5] الشاكري ، حسين (شهداء أهل البيت ص 31)
[6] سورة النحل 120
[7] "يا نفس من بعد الحسين هوني ، و بعده لا كنت أو تكوني" (بطل العلقمي 1:11 – عبدالواحد المظفر)
[8] الصدوق ، محمد بن علي (الخصال ج1 ص 68)

ليست هناك تعليقات: